الجيل القادم من التقنيات الرقمية يعزز جهود الحد من التغير المناخي

-

بقلم أشرف جابر
المدير الإقليمي لـTECHx Media في أفريقيا ودول الشمال

“الاستدامة”، تلك الكلمة التي ظهرت كمصطلح نظري منذ ثمانينيات القرن الماضي، تتسارع وتيرة تطبيقها اليوم على مستوى العالم، بسبب تصاعد التحديات البيئية. حيث صارت “الاستدامة” محوراً لاهتمام الحكومات والشركات على حد سواء.

وتتعاظم أهميتها من خلال البرامج والمبادرات التي يتم إطلاقها وتنفيذها في مناطق عديدة من دول العالم وبخاصة منطقة الشرق الأوسط، إذ تعتبر الاستدامة أولوية للحكومات في تلك المنطقة المهمة من العالم، والتي تستهدف الوصول لمقاربة أفضل على صعيد صداقة البيئة والحد من الانبعاثات الكربونية.

كما أصبحت الاستدامة أحد المواضيع الحاضرة في أجندة المحافل الدولية التي نظمت مؤخراً في منطقتنا وأبرزها معرض “إكسبو دبي” الذي يقام لأول مرة في العالم العربي.

وقد اتفاق قادة العالم خلال قمة الأمم المتحدة السادسة والعشرين للتغير المناخي التي عُقدت مؤخراً في غلاسكو، على الحد من ارتفاع درجات الحرارة على المستوى العالمي إلى أقل من درجتين مئويتين في القرن الحالي.

وتوصلت العديد من المؤتمرات الدولية التي ناقشت هذا الموضوع إلى أن التخلص من الانبعاثات الكربونية يتطلب أن تعيد الدول التفكير في كيفية توليد الطاقة وإدارة بنيتها التحتية في المستقبل. وتنفذ العديد من الدول حالياً في منطقة الشرق الأوسط خططاً واستراتيجيات تستهدف الوصول لصافي صفر انبعاثات على مدار الأعوام القادمة. ويمكن أن يسهم الجيل الجديد من التقنيات الرقمية في تحقيق هذا الهدف.

عصر “الطاقة الرقمية

تمثل الأنظمة الكهربائية، قرابة 40% من انبعاثات الكربون في العالم. ووفق خبراء في “مكينزي” للاستشارات فإنه يجب نشر التقنيات الرقمية وتقنيات التحليل المتطورة بالموازاة مع استئناف الأعمال في قطاع توليد الطاقة كالمعتاد.

وعلى الرغم من إدراك دول العالم أن مصادر الطاقة النظيفة مثل الشمس والرياح تعد من المقومات الأساسية على طريق الحد من الانبعاثات الكربونية على المستوى العالمي إلا أن تلك المصادر غير ثابتة الأداء والكفاءة في العديد من البلدان لأنها تعاني من مشاكل التقطعات والتقلبات. لذلك فإنها تعتمد أنظمة تخزين الطاقة لضمان ثبات الشبكات على بطاريات الليثيوم.

لكن عدم التناسق بين بطاريات الليثيوم قد يؤدي لمشاكل كانخفاض سعة التخزين وعمر البطارية القصير ومخاطر السلامة. ويتفق خبراء الطاقة وصناعة التكنولوجيا على أن الاعتماد على التقنيات الرقمية وإلكترونيات الطاقة، يعالج تماماً مشكلة الأداء المتغير لبطاريات الليثيوم.

وتشكل تلك الحالة نموذجاً واحداً، حيث يحتاج قطاعا الطاقة والكهرباء إلى مجموعة من الحلول الشاملة التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق أهداف الحد من الانبعاثات.

على ضوء جهود التحول الرقمي التي تبذلها الحكومات والمؤسسات في الشرق الأوسط، ترى العديد من الشركات مثل “هواوي للطاقة الرقمية” التي تم إطلاقها مؤخراً – في ظل تزايد الحاجة لتوفير حلول للطاقة الرقمية واستفادة الشركة من خبراتها العالمية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنويع منتجاتها بسبب استمرار العقوبات على الأعمال الأساسية للشركة كشبكات الجيل الخامس- أن المنطقة تتمتع بأهمية استراتيجية ستمكّنها من المساهمة في تطوير بيئات عمل ومجتمعات منخفضة الكربون.

تشارلز يانغ، النائب الأول لرئيس هواوي ورئيس التسويق والمبيعات والخدمات العالمية لأعمال الطاقة الرقمية في هواوي، يرى بأن قطاع الطاقة قد دخل فعلياً عصر الطاقة الرقمية”.

ووفق فلسفة هواوي للطاقة الرقمية فإن هناك فرصة كبيرة لابتكار حلول منخفضة الكربون تشمل عملية تدفق الطاقة بدءاً من توليد الطاقة النظيفة وصولاً إلى استهلاك الطاقة بكفاءة، وذلك من خلال الاعتماد على التقنيات الرقمية وإلكترونيات الطاقة. حيث تعتمد استراتيجية هواوي بشكل أساسي، على “استخدام البتات لإدارة الطاقة الكهربائية”.

وكانت هواوي قدمت مبادرة “شدة الانبعاثات الكربونية في الشبكات”، والتي توفر مقياساً جديداً للشبكات النظيفة يعتمد على انبعاثات الكربون مقابل كل “بت” وذلك بالتعاون مع شركة “إنفورما تك”..

البنية التحتية الرقمية

ومن الواضح أن الحكومات في منطقة الشرق الأوسط قد وضعت الخطط والاستراتيجيات والتي تركز على تحقيق التحول الرقمي، وهو الأمر الذي سيسهم بطبيعة الحال في تعزيز البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على نطاق واسع وفي تعزيز متطلبات الطاقة، مما سيؤدي إلى تزايد الاهتمام بتصميم البنية التحتية التقنية وإدارتها من أجل تحقيق أهداف الاستدامة في المستقبل.

ومن المتوقع، بحسب تقديرات هواوي، أن تدخل البشرية عصر البيانات التي تقاس بوحدة اليوتابايت (1YB – 1000ZB) بحلول عام 2030. ويقيناً سيزداد حجم البيانات الجديدة التي يتم إنتاجها في جميع أنحاء العالم عشرين مرة مقارنة بالعام 2020. كما توقعت شركة البيانات الدولية (IDC) أن يزداد إنفاق الشركات على خدمات الحوسبة السحابية العامة بنسبة 26.7% في المنطقة في عام 2021.

وسيؤدي نشر البيانات والخدمات التي تعتمد على الحوسبة السحابية إلى تزايد كبير في استهلاك الطاقة في مراكز البيانات الأساسية في المنطقة، حيث تستهلك مراكز البيانات حوالي 1% من الطاقة على المستوى العالمي وفقاً لأرقام عام 2019، إلا أن دراسات “نظام البيانات” تشير إلى أن مراكز البيانات قد تستهلك 20% من الطاقة على المستوى العالمي بحلول عام 2025.

فيما أعلن العديد قادة مشغلي الحوسبة السحابية عالمياً التزامهم بتحقيق الحياد الكربوني والاعتماد على الطاقة النظيفة لتشغيل البنية التحتية. كما أعلنت شركة “جوجل” – على سبيل المثال – أنها ستعتمد على الطاقة الخالية من الكربون في تشغيل عملياتها بالكامل بحلول عام 2030. كذلك تسهم العديد من الشركات مثل “هواوي للطاقة الرقمية” في الحد من استهلاك الطاقة والانبعاثات.

المارد الصيني “هواوي” ليس الشركة الوحيدة في مجال الطاقة الرقمية، حيث تنشط الكثير من الشركات العالمية في هذا المجال نظراً لحيويته وأهميته لتحقيق أهداف الدول في الاستدامة، لكن “هواوي” تتميز بالاستفادة من خبراتها العالمية في صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات وتسخيرها لصالح أهداف الحد من الانبعاثات الكربونية خصوصاً في مجال عمل الشبكات ومراكز البيانات.

كما أن شبكة شركاءها القوية وتواجدها في أكثر من 170 دولة حول العالم يعطي ثقلاً أكبر لأعمالها في مجال الطاقة الرقمية. وقد نجحت هواوي اعتباراً من نهاية سبتمبر الماضي، بمساعدة عملاءها على توليد 443.5 مليار كيلو واط في الساعة بالاعتماد على الطاقة النظيفة، مما ساهم في الحد من استهلاك الكهرباء بـ13.6 مليار كيلو واط في الساعة والحد من الانبعاثات الكربونية بـ210 مليون طن أي ما يعادل زراعة 290 مليون شجرة.

وعلى الرغم من كل تلك الجهود إلى أن لسباق لايزال ممتداً للوصول إلى مستوى “صفر انبعاثات” سواء في الأنظمة الكهربائية أو البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أو شبكات النقل. ومن المؤكد أن التقنيات الرقمية وإلكترونيات الطاقة ستلعب دوراً أساسياً في هذا السباق مستقبلاً. لكن النجاح يعتمد بالأساس على تعزيز التعاون بين الشركاء في قطاع الطاقة على المستوى العالمي من أجل بناء مجتمعات ذكية وقطاعات أعمال صديقة للبيئة.

Share







Leave a reply

Your email address will not be published. Required fields are marked
Your email address will not be published. Required fields are marked