الاستثمار الأمثل في الشحن المجاني

-

“سوهام تشوكشي”، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك، شركة “شيبسي”

من منا لا يرغب بخدمة الشحن المجاني دون حد أدنى لقيمة المشتريات.

 إنها عبارة واحدة قادرة على جذب الانتباه، أليست كذلك؟ لطالما كانت هذه الجملة الشهيرة الطريقة الأمثل لدفع عجلة المبيعات بعد فترات من الركود لغالبية شركات التجارة الإلكترونية. ويمكن الاعتراف بأن الشحن المجاني نقطة جذب مهمة جداً للعملاء، لكن هذه الإستراتيجية التسويقية دائمة النجاح لها ثمنها. لنستعرض سويًا السبب الذي يجعل من الشحن المجاني شرًا لابد منه، وما يتبع ذلك من آثار مترتبة على العلامات التجارية.

في أوائل الألفية الثانية قدمت شركة “أمازون” “برنامج الشحن فائق التوفير ( Super Saver Shipping Program)، إذ يقدّم هذا البرنامج خدمات الشحن المجاني للطلبات التي تزيد عن قيمة معينة، مع العمل تدريجيًا على تخفيض هذه القيمة، و حقق هذا  البرنامج نجاحًا هائلاً. وكانت النتيجة – قفزة هائلة في المبيعات. أدرك عملاق التجارة الإلكترونية سريعًا تأثير كلمة “مجاني” على سيكولوجية العملاء. مما جعل المنافسين يتبعون نفس النهج لاحقًا.

تشير اليوم التقارير واستطلاعات الرأي إلى القيمة التي تخلقها عبارة “الشحن المجاني” للأعمال التجارية عبر الإنترنت. وفي حين أن 83٪ من المتسوقين في دولة الإمارات  يلجأون للتسوق عبر الإنترنت من أجل الراحة فقط، أظهر استطلاع للرأي حول تفضيلات التسوق في “أمازون” الشرق الأوسط أن عملاء دولة الإمارات يتسوقون عبر الإنترنت على وجه التحديد للتمتع بمزايا الشحن السريع والمجاني. لقد ساعد الشحن المجاني العلامات التجارية على اكتساب العملاء وتحصيل حصة سوقية أكبر، وتقديم ميزة تنافسية بين باقي العلامات التجارية، وتعزيز المبيعات.  ويؤكد تقرير “شوبيفي” على أن خدمة الشحن المجاني تحسّن من تجربة التسوق عبر الإنترنت بالنسبة ل 59٪ من المستهلكين، كما يشيد بأهمية الميزات الأخرى مثل الإرجاع المجاني (40٪) والتسليم الأسرع (34٪) في تحسين تجربة التسوّق أيضاً. في الواقع، فإن ارتفاع رسوم الشحن يأتي في مقدمة أسباب ترك عربة التسوّق الإلكتروني دون شراء. بينما  سيضيف 48٪ من المستهلكين المزيد من المنتجات لعربة التسوّق فضلاً لميزة الشحن المجاني. لقد أصبح جليًّا أن توقعات العملاء المتزايدة للتمتع بميزة الشحن المجاني والسريع تؤثر تأثيرًا مباشرًا على تجربة العملاء، مما يجعل تقديم هذه الميزة أمرًا حتميًا. لكن اتباع هذا النهج لابد أن يتم بحذر تام، فحتى عملاق التجارة الإلكترونية لا يمكنه تقديم ميزة الشحن المجاني لعملائه دون المساس بهامش الربح.

إن تقديم ميزتي الشحن المجاني والسريع على نطاق واسع لكل متسوق هو أمرٌ باهظ التكلفة. تتضمن “التكاليف الفعلية” للشحن المجاني عدة عوامل: من بينها عدم الكفاءة التشغيلية، والقدرة على التوسع في التسليمات، ومرتجعات المنتجات، وكل ذلك يمكن أن يشكل تحديًا كبيراً خاصة عندما سيتعين على تجار التجزئة توفير هذه النفقات من أرباحهم. في حين يقدّم التسعير الذكي مخرجًا لامتصاص التكاليف، يمكن للعلامات التجارية فقدان العملاء بكل سهولة إذا تمكنوا من مقارنة مثل هذه الرسوم مع عروض المنافسين.

يظهر هنا سؤال محوري؛ هل الشحن المجاني معضلة لا حل لها، أم يمكن للعلامات التجارية أن تجعل هذه الشراكة الصعبة تؤتي بثمارها؟

حسنًا، يمكن تحقيق الامتثال في تكاليف الشحن لتناسب مبيعات الشركة وأرباحها. لنستعرض سويًا كيف يمكن لحلول الإدارة اللوجستية الذكية مساعدة الشركات على فك طلاسم الأداء الاقتصادي:

زيادة القابلية للتوسع في عمليات التسليم

وفقًا لـ”يورومونيتور”، ستصل قيمة سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات إلى 8 مليارات دولار بحلول عام 2025. إن التعامل مع هذا القدر الهائل من النمو في كميات الطلبات وانخفاض المدد الزمنية للتسليم في المستقبل سوف يتطلب عقد شراكات مع مقدمي الخدمات اللوجستية. يتعلق الأمر بالقدرة على التسليم لجميع العملاء في الموعد المحدد. تُعد الشراكة مع مقدّم الخدمات اللوجستية المناسب أمرًا بالغ الأهمية أيضًا من حيث تحقيق النمو، إذ يمكن أن تساعد الشراكات الناجحة في فتح الأبواب أمام مناطق جغرافية مستجدة باستخدام شبكات التسليمات النهائية لدى مقدّمي الخدمات. تميل شركات الخدمات اللوجستية في الغالب إلى امتلاك الموارد والبنية التحتية والشبكات اللازمة لإدارة طلبات الشحن واسعة النطاق بكفاءة واقتصادية. ولكن كيف تختار شريك التوصيل المناسب لأعمالك؟ هذه هي نقطة النفاذ التي يمكن لأدوات إدارة الخدمات اللوجستية الحديثة أن تمر منها لتقديم المساعدة.

تتيح حلول الإدارة اللوجيستية الذكية المدعومة بالذكاء الصناعي وتقنيات تعلّم الآلة والأتمتة القدرة على إدارة سلسة لمقدمي الخدمات اللوجستية. يأخذ النظام في الاعتبار العديد من المؤشرات مختلفة، مثل التكلفة والخبرات والبيانات التاريخية وغيرها لتحديد شريك المناسب لتقديم خدمات التسليم والتوصيل (طرف ثالث أو أسطول خاص بك). تمكّن منصة إدارة اللوجستيات الذكية من توسيع نطاق عمليات التسليم بواسطة التخصيص التلقائي لما يقارب من 100٪ من جميع الطلبات.

ضمان كفاءة التسليمات

توجد عدة أسباب تؤثر سلبًا على وقت التسليم والتكلفة وتجربة العميل، من بينها عمليات التسليم الخاطئة والمفقودات، وتحديات الطرق المغلقة والتحويلات المرورية، وغياب العملاء عن مواقع التسليم وما إلى ذلك.

تعمل حلول إدارة اللوجستيات المتقدمة على أتمتة تخطيط المسارات. كما يعمل محرّك التحسين الآلي على تحليل البيانات المسجلة لوضع مخططات لمسارات الوصول إلى العملاء، بحيث تتسم تلك المسارات بأنها الأكثر توفيرًا من حيث التكلفة والوقت واستهلاك الوقود. يعمل هذا الحل التقني باستمرار على جلب البيانات الآنية لإعادة توجيه المسارات، بما يضمن تجنب حواجز الطرق والتحويلات المرورية والازدحام وكل ما من شأنه تأخير عمليات التسليم. تضمن القدرات التقنية مثل تحسين استخدام الموارد القدرة على تأدية عمليات التقاط / تسليم متعددة تتميزة بالسلاسة لتعزيز الإنتاجية. لضمان عمليات تسليم في فترات زمنية أقل مع تحقيق الربح، تقضي هذه الحلول الذكية على ظاهرة قطع العديد من الأميال دون جدوى، مع تقليل أعداد الرحلات والمسافات المقطوعة. يمكن للشركات زيادة عمليات التسليم لكل سائق بنسبة أكثر من 13٪ باستخدام أدوات إدارة الخدمات اللوجستية الحديثة.

زيادة معدلات التسليم من المرة الأولى:

  • تحسين جودة عناوين التسليمات

يمكن أن يُعزى ذلك لغياب الترميز، ولكن انخفاض جودة العناوين يأتي ضمن الأسباب الرئيسية لفشل عمليات التسليم في دولة الإمارات. بشكل عام، تؤثر العناوين غير الدقيقة على إيرادات تقارب 7.42 مليار دولار أمريكي في قطاع التجارة الإلكترونية بمنطقة الشرق الأوسط.

يعمل الترميز الجغرافي على التغلّب على مثل هذا التحدي، بواسطة تحويل العنوان إلى إحداثيات دقيقة (خطوط الطول والعرض). يساعد ذلك السائقين على الوصول إلى موقع التسليم الدقيق للوفاء باتفاقيات مستوى الخدمة المنتظرة.

  • ضمان وجود العملاء بأماكن التسليم

تؤدي عمليات التسليم الفاشلة وإعادة المحاولات إلى وقوع خسائر إجمالية فادحة. مما يضطر الأطراف المنخرطة في عملية التسليم إلى إعادة الدورة بأكملها مرة أخرى، وبذل الوقت والجهد والموارد لإعادة جدولة عمليات التسليم. وفقًا لتقرير “مافريكس”، تتراوح معدلات فشل التسليمات النهائية بين 15٪ في دولة الإمارات و40٪ في المملكة العربية السعودية. يؤدي ذلك بالتبعية إلى ضعف رضا العملاء وفقدان الإيرادات، خاصة في بلد يعتمد على نظام الدفع عن الاستلام.

تُمكِّن عملية تحسين مسار العملاء من تغيير وقت التسليم المفضل لديهم وموقعه أثناء تحرّك الشحنات. من شأن هذا المساعدة على زيادة فرص وجود العملاء لاستلام طلباتهم من المحاولة الأولى. علاوة على ذلك، تساعد معايير وقت الوصول المقدّر (ETA) الدقيقة أيضًا في ضمان وجود العملاء بعناوين التسليم. يرسل النظام إشعارات تلقائية إلى العميل النهائي عبر الرسائل النصية القصيرة أو تطبيق “واتساب” أو البريد الإلكتروني بمجرد خروج الشحنة للتسليم. يمكن للعميل استخدام الرابط الإلكتروني لتتبع الطلب. إن الاطلاع على مسار الشحنة يعزز من نجاح فرص التسليم من المحاولة الأولى.

يكمن السر في الكفاءة التشغيلية في كيفية تحقيق التوازن بين تقديم تجربة عملاء ناجحة مع الحفاظ على الربحية. يمكن لمنصة ذكية للإدارة اللوجستية مثل منصة “شيبسي” أن تقدم للشركات مثل هذا التوازن المنشود، لتنتشل العلامات التجارية من المأزق الأصعب والمتمثل في إجراء عمليات تسليم مجانية ومربحة في الوقت نفسه. 

Share







Leave a reply

Your email address will not be published. Required fields are marked
Your email address will not be published. Required fields are marked