الذكاء الاصطناعي جيد بقدر جودة البيانات المزوّد بها

-

بقلم رامبراكاش رامامورثي، مدير الأبحاث في “مانيج انجن”

أثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على تقديم فوائد كبيرة للشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها بشكل عام، ونظراً لإمكاناته الكبيرة؛ تستثمر فيه المؤسسات بشكل متزايد. وفقًا لموقع الإمارات للذكاء الاصطناعي، ستبلغ قيمة تقنيات الذكاء الاصطناعي في السوق العالمية 15.7 تريليون دولار أمريكي في عام 2030، مما يعزز الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 35% (96 مليار دولار أمريكي). كما ان استخدام تقنيات الذكاء الإصطناعي سيقلل الإنفاق الحكومي لدولة الإمارات العربية المتحدة الى النصف، أو ما يقرب من 3 مليارات دولار من الوفر.

على الرغم من زيادة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي واستخدامه عبر الصناعات والشركات، هناك مخاوف مستمرة بشأن قدرة التكنولوجيا على تلبية التوقعات، اذ وفقًا لاستطلاع الجاهزية الرقمية لعام 2021، أبلغ 86% من المؤسسات في العالم عن زيادة في استخدام الذكاء الاصطناعي، وقال حوالي 81% إن ثقتهم في حلول الذكاء الاصطناعي قد ارتفعت.

أعربت المؤسسات التي شملها الاستطلاع عن مخاوفها من معوقات محتملة تحول دون تحقيق الذكاء الاصطناعي للتوقعات، منها، تعقيد مشاريع الذكاء الاصطناعي، توافر الموظفين الذين يمتلكون المهارات المطلوبة لمشاريع الذكاء الاصطناعي، ونقص الخبرة ضمن المؤسسات لتطوير الذكاء الاصطناعي. كذلك، هناك اعتبار رئيسي آخر هو أن نماذج الذكاء الاصطناعي جيدة بقدر جودة البيانات المزوّدة بها، هذا يعني أنه بدون الوصول إلى بيانات نظيفة وعالية الجودة، قد يفشل الذكاء الاصطناعي في تحقيق النتائج المتوقعة.

بداية جديدة مع الذكاء الاصطناعي

للذكاء الاصطناعي قدرة فائقة في تحويل البيانات إلى رؤى، ويتم تطبيق هذه القدرة على البيانات بغض النظر عن الجودة أو التحيزات، مما يعني أن أي تحيزات غير مقصودة موجودة في البيانات سيتم التأكيد عليها فقط من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي. هذا يجعل جودة البيانات هي المتنبئ الأول لمدى نجاح مشروع الذكاء الاصطناعي. يجب أن تكون جودة البيانات استثنائية حتى يعمل نظام الذكاء الاصطناعي جيدًا بشكل معقول، لأنه حتى مع وجود بيانات ملوثة قليلاً فقط، قد ينتج عن الذكاء الاصطناعي نتائج سيئة. قد يكون الحصول على بيانات عالية الجودة أكثر صعوبة مما يبدو، وقد تختلف المهارات المطلوبة لتحديد واستخدام البيانات النظيفة وفهم ما يشكل بيانات نظيفة، اعتمادًا على الصناعة وحالة الاستخدام.

على سبيل المثال، قد يستخدم فريق تكنولوجيا المعلومات تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد انقطاعات الشبكة قبل حدوثها. إذا كان متوسط ​​وقت تشغيل نظام تكنولوجيا المعلومات 99%، فإن البيانات المتعلقة بنسبة الـ1% الأخرى هي التي تعتبر مهمة لأغراض التدريب. لذلك، يجب ضبط مجموعة البيانات التي يتم إدخالها في النموذج لتحديد نسبة الـ1%. قد يشكّل إدخال البيانات الصحيحة في النموذج تحدياً، لكنه ضروري.

هذا يخلق حاجة ملحة للمهنيين الذين يعملون مع تقنيات الذكاء الاصطناعي لفهم كيفية تحديد البيانات النظيفة، ذات الصلة، ومعرفة ما ستكون عليه البيانات النظيفة إعتمداً على احتياجاتهم.

على المستوى الأساسي، يجب ألا تتضمن البيانات النظيفة أي معلومات تعريف شخصية أو بيانات حساسة أخرى. هذا ليس مهمًا فقط لحماية خصوصية الأشخاص، حيث ان بعض هذه البيانات يمكن أن تحرف النموذج وتؤدي إلى قرارات متحيزة. يمكن أن يتضمن نوع البيانات التي يمكن أن تلوث نموذج الذكاء الاصطناعي البيانات الديموغرافية، الأسماء، سنوات الخبرة والحالات الشاذة المعروفة.

لذلك، وبهدف ضمان أن البيانات نظيفة ومناسبة للاستخدام، يجب إزالة المعلمات الغير متصلة بالتصنيف النهائي للبيانات. على سبيل المثال، ضمن المستشفيات وقطاع الرعاية الصحية، قد تؤدي البيانات التي تتضمن معلومات تعريف المريض وأمراض معينة إلى ارتباط خاطئ بين المعلومات الديموغرافية وأنماط المرض. لتجنب ذلك، يجب على علماء البيانات توضيح معلمات المشروع والتأكد من تضمين البيانات ذات الصلة فقط في النموذج.

البيانات النظيفة تمهد الطريق للذكاء الاصطناعي

مع هذا الاستثمار الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، من الضروري أن توفر الأدوات المستخدمة والمنتجة عائدًا كبيرًا على الاستثمار. يمكن لمهارات، خبرات، ودراية محترفي تكنولوجيا المعلومات وعلماء البيانات المشاركين في مشاريع الذكاء الاصطناعي تحديد مدى نجاح هذه المشاريع، وبالتالي، ما إذا كانت ستحقق عائدًا قويًا. تعد القدرة على ضمان أن البيانات المستخدمة لنماذج الذكاء الاصطناعي نظيفة وذات صلة مهارة أساسية مطلوبة قبل بدء مشروع الذكاء الاصطناعي.

يجب أن يكون متخصصو تكنولوجيا المعلومات وعلماء البيانات قادرين ليس فقط على تحديد البيانات النظيفة وتوفيرها، ولكن أيضًا فهم كيفية تحديد النتائج التي انحرفت بسبب البيانات المتحيزة. يمكنهم بعد ذلك إعادة تدريب النموذج باستخدام بيانات أكثر ملاءمة، مما يؤدي إلى نتائج دائمة التحسن من مشاريع الذكاء الاصطناعي.

العالم على مشارف تغييرات كبيرة وفوائد من استخدام الذكاء الاصطناعي. وعليه، فإن الأمر متروك لعلماء البيانات ومتخصصي تكنولوجيا المعلومات الذين يقودون هذه المشاريع للتأكد من أن النتائج ستكون محايدة وواضحة.

Share







Leave a reply

Your email address will not be published. Required fields are marked
Your email address will not be published. Required fields are marked