الإمارات تعزز مكانتها في التعليم الرقمي باعتماد النموذج الأفضل عالمياً خلال الجائحة

-

بقلم: جيفري ألفونسو، الرئيس التنفيذي لشركة ألف للتعليم

أدت جائحة “كوفيد-19” إلى خسارة مجموعة من المكتسبات التي حققها قطاع التعليم العالي على مدار 20 عاماً، فقد أظهر تقرير أصدرته الأمم المتحدة مؤخراً أن نحو 1.57 مليار طالباً حول العالم تضرروا من تدابير الإغلاق التي طالت المدارس حول العالم، وتباطأت وتيرة التعلم في العديد من البلدان، ووصل الأمر إلى خسارة الطلاب لتعليمهم في مناطق أخرى، إلا أن بلداناً مثل دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت نموذجاً يقتدى به في إدارة الأزمات، لا سيما في قطاع التعليم، مما أثمر عن الحد من تداعيات الجائحة عليه.

ونتيجة للجائحة، تخلّف الطلاب عن مسار تعليمهم الطبيعي بنحو خمسة أشهر في مادة الرياضيات وأربعة أشهر في القراءة بنهاية العام الدراسي وفقاً لبحث أجرته شركة ماكنزي. وأشارت هذه الدراسة إلى مسألة مثيرة للقلق هي أن تداعيات الجائحة لن تنتهي بزوالها، فقد تسببت بخسائر فادحة في مكاسب جيل بأكمله، ناهيك عن تقييد الفرص المتاحة أمام هذا الجيل حتى في مرحلة لاحقة من رحلتهم التعليمية. 

ولعل تكنولوجيا التعليم هو الفارق الجذري بين الدول التي تعرّض قطاع التعليم فيها لخسائر فادحة ونظيرتها التي ضمنت استمرارية هذا القطاع حتى في أصعب أيام الجائحة. فقبل العام 2020، بدأت مدارس دولة الإمارات بتطبيق حلول التعليم التقنية في فصولها الدراسية. كما حرصت وزارة التعليم في الدولة في شهر أكتوبر من عام الجائحة على ضمان تبني جميع المدارس العامة في دولة الإمارات لمنصة تعليمية رقمية تكفل استمرار تقديم التعليم للطلاب عن بعد. وفي ضوء هذه الأمثلة، بدا جلياً أن جسر الفجوة التكنولوجية هو عنصر حاسم يكفل تقدم البشرية ونموها وتطورها، ويُقصد بالفجوة هنا الفرق بين امتلاك معرفة كافية وإمكانية الوصول للتقنيات المتطورة بشكل سهل، وعدم توفر هذه الموارد.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الإمارات تتمتع بمكانة رائدة في مجال التعليم الرقمي، فوفقاً لدراسة أجرتها شركة الاستشارات الرائدة عالمياً آرثر دي ليتل، وصلت نسبة توافر منصات دعم التعلم عبر الإنترنت على مستوى الدولة إلى 70%، بينما وصلت نسبة توافر المعلمين على المنصات الرقمية إلى 88%. ومن جهة أخرى، حصدت الإمارات المركز الأول في ثلاثة مؤشرات مرتبطة بالتعليم الجيد وهو الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة. فقد تصدرت الإمارات كل من مؤشر الالتحاق بالتعليم الابتدائي، ومؤشر معدل الإلمام بالقراءة والكتابة ضمن تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، كما جاءت في المرتبة الأولى من حيث انتقال الطلبة الدوليين ضمن الكتاب السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية.

وبالانتقال إلى الحدث العالمي المنعقد في دولة الإمارات “إكسبو 2020 دبي” والذي يشهد انضمام 192 دولة إلينا على هذه الأرض المعطاءة، يتعين على قطاع التعليم العالمي الاستفادة من هذه الفرصة القيّمة لدراسة أكثر القضايا إلحاحاً وتبادل المعارف واكتشاف الفرص الجديدة. فبعد اختبار العالم لأسوأ ما ألقت به تلك الجائحة، جاء “إكسبو 2020 دبي” ليمنحنا انطلاقة جديدة للتفاعل مع قادة القطاع والحكومات حول العالم والتعمق في أفضل السبل الممكنة لدعم طلابنا ووضعهم مجدداً على مسارهم التعليمي الصحيح، فضلاً عن تأهيلهم للتكيف مع عالم متغير.

يتعين علينا جميعاً دون استثناء تقييم الأضرار التي تسببت بها الجائحة والتعلم من بعضنا البعض لتجنب هذه الأزمات وإدارتها بشكل أفضل في المستقبل. وعلى سبيل المثال، فيما تستعد الكثير من الدول لعالم ما بعد الجائحة، يجب النظر إلى قطاع التعليم من زاوية مختلفة تماماً لمواكبة هذا العالم الجديد.

عادة ما يذكرنا مصلطح “تعدد القنوات” بقطاع التجزئة، إلى أن الاستراتيجية  متعددة القنوات في قطاع التعليم تعني تطبيق التجارب التعليمية المرنة عبر مختلف الأجهزة والمنصات والقنوات.

أضف على ذلك أنه خلال أسبوع المعرفة والتعلم وهو أحد أسابيع موضوعات إكسبو 2020 دبي، يحتاج خبراء التعليم العالميين إلى إيجاد إيجابات شافية على أسئلة مثل، ما المواضيع والمهارات الرئيسية التي يحتاج الطلاب لتعلمها في مدارسهم ليكونوا على أهبة الاستعداد للثورة الصناعية الرابعة؟ وكيف يمكن الموازنة في منهجياتنا التربوية بين الأنماط التقليدية للتعليم وحلول تكنولوجيا التعليم المتقدمة؟ وما السبل المثلى لتأسيس جيل طموح قادر على تحقيق النقلة النوعية المنشودة؟ وكيف لنا تحديث منظومة التعليم لتواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين؟

في النهاية، أؤكد على أننا كمعلمين، تقع على عاتقنا مسؤولية إعداد قادة المستقبل للقرن الحادي والعشرين، لذلك فإن الأحداث العالمية الضخمة على غرار إكسبو 2020 دبي قادرة على مساعدتنا لتحقيق هذه الرؤية بأفضل شكل ممكن.

Share







Leave a reply

Your email address will not be published. Required fields are marked
Your email address will not be published. Required fields are marked