الرقمنة بوابة مثالية لتحفيز سلاسل توريد قطاع التجزئة في شهر رمضان المبارك

-

بقلم سونيل ناير، الرئيس التنفيذي لتكنولوجيا المعلومات في “جي أم جي”

شهر رمضان المبارك وعيد الفطر السعيد من الفترات التي تشهد إقبالاً واسعاً على التسوق، ويترقبها تجار التجزئة في منطقة الشرق الأوسط بمزيج من الحماس والقلق. ورغم سعادتهم بالارتفاع المفاجئ في معدلات الطلب وبطرح السلع المخصصة لهذا الموسم إلى جانب تغير ساعات عمل العديد من الموظفين، لكن هذه الفترة غالباً ما تجسد اختباراً لمرونة سلاسل التوريد الخاصة بتجار التجزئة. وبكلمات أبسط، يؤدي نجاح التجار في التعامل مع هذه الفترة إلى تحقيق هوامش ربح مجزية، وإلا سيكونون عرضة للخسارة في صافي أرباحهم.

وكان للتحول الرقمي الذي شهده قطاع التجزئة في الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس إلى السبع الماضية انعكاس إيجابي كبير على سلاسل التوريد، حيث ساهم في تعزيز مرونتها وقدرتها على استيعاب فترات التسوق المزدحمة. ففي دراسة حديثة أجرتها “برايس ووترهاوس كوبرز”، أشار الرؤساء التنفيذيون في قطاع البيع بالتجزئة في المنطقة إلى أبرز الجوانب التي دعمها التحول التقني؛ ومنها قدرتهم على تسريع عمليات التسليم وإتاحة إعادة المنتجات بسهولة أكبر وتحقيق التوازن في أحجام المخزون. وفي واقع الأمر، يمكن للأدوات الرقمية المتوفرة حالياً التأثير على مجمل رحلة المبيعات؛ بدءاً من المستودع حتى آخر نقطة في العملية.

وفي موسم البيع بالتجزئة خلال شهر رمضان والعيد هذا العام، ستجني المؤسسات فوائد جمّة إن هي أعادت النظر في قدراتها الرقمية عبر أربعة مجالات رئيسية هي:

  • استخدام الحوسبة السحابية لإدارة كم البيانات الهائل: يتمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه تجار التجزئة، ولا سيما من يتمتعون بحضور قوي على الشبكة العنكبوتية، في كيفية إدارة تدفقات البيانات الجديدة التي تنتج خلال فترات ذروة التسوق. فقبل اختراع الحوسبة السحابية، اضطر تجار التجزئة إلى إغراق مراكز البيانات لديهم بالموارد من أجل استيعاب تدفق البيانات الهائل خلال بضعة أشهر من السنة. وتعد محركات الأقراص الإضافية، ورفوف الخوادم، والطاقة، والتبريد، وغيرها من أشكال البنية التحتية الداعمة مصادر تكلفة لا داعي لها تؤثر على هوامش ربحية تجار التجزئة. لكن مع الحوسبة السحابية، يمكن لهؤلاء التجار زيادة سعة تخزين البيانات وقوة معالجة عملياتهم وقدرات التواصل عدة مرات بكبسة زر واحدة وبجزء بسيط من التكلفة التي تتطلبها البنية التحتية البديلة في مكان العمل. وبالمقابل، يمكن للتجار الرجوع إلى الوضع الافتراضي بنفس السهولة ودون أدنى تأثير على العمليات.
  • استخدام الروبوتات لتعزيز رأس المال البشري: قد لا يكون استخدام الروبوتات في قطاع التجزئة بالأمر الجديد. لكن مواسم التسوق المزدحمة تذكرنا بأهميتها كحل ناجع لسد النقص في الموارد البشرية اللازمة لإنجاز عمليات المستودعات خلال تلك الفترات وعند تغير مواعيد عمل الموارد البشرية. وفي ظل التطور المتزايد للروبوتات ذاتية التحكم، سيكون من الأفضل لتجار التجزئة النظر إلى ما هو أبعد من المكاسب الإنتاجية، واستكشاف سبل توظيف القدرات الجديدة للذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار لخفض معدلات الخطأ، وتحليل عمليات التسليم، وتعزيز القيمة المقدمة للموظفين بشكل فعلي.
  • تسريع عملية التسليم: يشكل ’الميل الأخير‘ عموماً أكبر تحديات مشغلي التجارة الإلكترونية. إذ تشير البيانات إلى أن تكاليف التوصيل في الميل الأخير تمثل في الغالب أكثر من 50% من إجمالي تكلفة الشحن وحوالي 40% من تكاليف كامل سلسلة التوريد. ويشكل حجم البضائع المشحونة للمستهلكين أكبر مصادر القلق بشأن الميل الأخير. وقد نشهد قريباً ظهور روبوتات توصيل ذاتية التحكم في شوارعنا، حيث تم تجريبها في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. كما تم الإعلان عن عدة مشاريع من هذا القبيل في دبي خلال العام الماضي، وذلك مثل شراكة “كريم” و”كيوي بوت” لتطوير روبوتات تقوم بتوصيل المواد الغذائية ومنتجات البقالة. وستدعم أساسيات التخطيط الحضري في المنطقة مثل هذه الابتكارات، حيث ستجد مجتمعاتها السكنية الكبيرة في روبوتات التسليم ذاتية التحكم إضافةً مثلى ومجزية.
  • تكوين فهم أفضل لجانب الطلب: ما هو حجم المخزون الواجب توافره لديك في موسم تسوق معين؟ قد تستند إجابة بعض الشركات على مزيج غير متكامل من الإيصالات السابقة والتخمينات وحتى الأمل. وغالباً ما يوجد تفاوت بين المخزون المتوفر وحجم الطلب، مما يؤدي إلى اكتظاظ المستودعات بالبضائع لعدة أشهر بعد انتهاء موسم التسوق. لكن تتوفر اليوم العديد من حلول الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن تطبيقها بسرعة للمساعدة في اتخاذ القرارات بشأن المخزون. وتوقع بعض المحللين أن يصل إنفاق تجار التجزئة على تقنية الذكاء الاصطناعي إلى 7,3 مليار دولار بحلول عام 2022، مقارنة بـ 2 مليار دولار فقط في عام 2018. ولا تقتصر فائدة الاستثمار في هذه التقنية على المساعدة في اتخاذ قرارات تخزين المستودعات، وإنما يمكن الاستفادة منها لتوجيه عملية إدارة تجربة العملاء، وتحليل المشتريات في كل موقع بيع بالتجزئة، وتوقع المبيعات عبر مختلف فئات المنتجات. فقد تحول الذكاء الاصطناعي من مجال اهتمام مستقبلي إلى أداة لا غنى عنها في سلسلة توريد قطاع التجزئة.
  •  

وإن تمكنت شركات التجزئة في المنطقة من مراعاة جميع هذه الجوانب، ستجد في حوزتها مجموعة قوية من الأدوات الرقمية التي ستمكنها من جعل موسم التسوق في رمضان الكريم هذا الأفضل لعملائها ولأرباحها على الإطلاق.

Share







Leave a reply

Your email address will not be published. Required fields are marked
Your email address will not be published. Required fields are marked